كتبت: ناهد علي
تسعى القيادة السياسية المصرية برئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسي على بلورة موقف عربي موحد حيال العديد من القضايا والملفات الهامة عربيا وإقليميا ودوليا، وبناء علاقة راسخة وقوية مع الأشقاء خاصة بمنطقة الخليج العربي، التي يجمع حكامها علاقات قوية مع رأس الدولة المصرية.
ويعمل الرئيس السيسي منذ توليه الحكم في العام 2014 – على تنسيق المواقف مع الأشقاء خاصة داخل الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والمملكة الأردنية الهاشمية والكويت والبحرين والعراق وقطر وكافة الأشقاء.
ودائما ما يتواصل الرئيس السيسي مع الأشقاء، ويؤكد دعم مصر الكامل لهم ووقوفها إلى جوارهم فيما يواجه أمنهم واستقرارهم من تحديات، وكان للقاهرة السبق والدعم للأشقاء في عدة ملفات إقليمية ودولية، برهنت من خلالها أن العرب قوة واحدة، وأن أي “تدخلات خارجية بهدف النيل من وحدتهم ستواجه بكل حزم”.
وشهدت العاصمة المصرية القاهرة ومدينة السلام “شرم الشيخ” حالة من الزخم السياسي على مدار الأيام الماضية، وفتح ذراعيهما لاستقبال قادة بعض الدول العربية في مقدمتهم ملك البحرين الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة، وملك الأردن عبد الله الثاني بن الحسين، وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وأخيرا أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثان.
واستضافت مدينة شرم الشيخ قمة مصرية – بحرينية – أردنية جمعت الرئيس السيسي وشقيقيه ملك البحرين والعاهل الأردني؛ وذلك لبحث وتنسيق المواقف العربية فيما يخص عدد من الملفات المطروحة داخليا وإقليميا ودوليا والترتيب للقمة المرتقبة في الرياض منتصف الشهر المقبل.
وقال السفير بسام راضي المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، إن الرئيس السيسي رحب بشقيقيه البحريني والأردني ضيفين عزيزين على مصر، معرباً عن التقدير للعلاقات الوثيقة والتاريخية التي تجمع البلدان الثلاثة على المستويين الرسمي والشعبي.
وأضاف أن الرئيس السيسي أكد تطلع مصر إلى تعزيز التعاون البناء بين مصر والبحرين والأردن، بما يحقق المصالح المشتركة لشعوبهم الأشقاء، ويعزز من جهود العمل العربي المشترك، خاصةً في ظل التحديات الكبيرة الناتجة عن التطورات الإقليمية والدولية المتعددة.
من جانبهما، أشادا ضيفا مصر بالروابط الوثيقة التي تجمع بين البلدان الثلاثة، مؤكدان الحرص على الارتقاء بالتعاون مع مصر إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية، بما يعظم من استفادة الدول الثلاث من الفرص والإمكانات الكامنة في علاقات التعاون بينهم، فضلاً عن كون هذه العلاقات تمثل حجر أساس للحفاظ على الأمن والاستقرار الإقليمي وإعادة التوازن للمنطقة، وذلك في ضوء الأهمية المحورية لمصر والبحرين والأردن إقليمياً ودولياً.
وتناولت المباحثات، العلاقات الأخوية الوثيقة ومسارات التعاون الثنائي البناء بين الدول الثلاث والتنسيق المتبادل تجاه مختلف القضايا محل الاهتمام المشترك، إضافة إلى آخر التطورات على الساحتين الإقليمية والدولية والتحديات التي تواجه المنطقة.
العلاقات المصرية – الخليجية
وأكد القادة عمق العلاقات الأخوية والاستراتيجية بين البلدان الشقيقة الثلاث، وأهمية تعزيزها وتطويرها والارتقاء بها إلى أعلى المستويات، بما يحقق الأهداف والمصالح المشتركة.
كما التقى الرئيس السيسي، بولي العهد السعودي؛ الذي زار مصر ضمن جولة قام بها اليومين الماضيين وشملت إضافة إلى القاهرة كل من عمان وأنقرة.
وأصدر الزعيمان بيانا ختاميا أكدا من خلاله على أهمية التعاون والتنسيق فيما بينهما على جميع الأصعدة، وتم بحث سبل تطوير وتنمية العلاقات في جميع المجالات، بما يعزز ويحقق مصالح البلدين والشعبين الشقيقين، وتناولا مستجدات الأوضاع التي تشهدها المنطقة والعالم، مؤكدين على وحدة الموقف والمصير المشترك تجاه مجمل القضايا والتطورات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
وتم التباحث بين الرئيس السيسي والأمير محمد بن سلمان في العديد من القضايا الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك، حيث أكدا على تعزيز التعاون تجاه جميع القضايا السياسية والسعي إلى بلورة مواقف مشتركة تحفظ للبلدين الشقيقين أمنهما واستقرارهما، وأهمية استمرار التنسيق والتشاور إزاء التطورات والمستجدات في جميع المحافل الثنائية والمتعددة الأطراف، بما يسهم في تحقيق الأمن والاستقرار والازدهار في البلدين الشقيقين والمنطقة.
واستعرض الجانبان القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، حيث شدد الجانبان على ضرورة تكثيف الجهود للتوصل إلى تسوية شاملة وعادلة للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي، وإيجاد أفق حقيقي للعودة إلى مفاوضات جادة وفاعلة لتحقيق السلام، وفقاً لمبدأ حل الدولتين، وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة ومبادرة السلام العربية، بما يكفل للشعب الفلسطيني حقه في إقامة دولته المستقلة على حدود 1967م وعاصمتها القدس الشرقية.
وقد أعربت مصر عن تضامنها الكامل مع المملكة العربية السعودية في كل ما تتخذه من إجراءات لحماية أمنها الوطني، وشددّ على رفضه لأي اعتداءات على أراضي المملكة العربية السعودية، مؤكداً أن أمن البلدين كلٌ لا يتجزأ.
كما اتفق البلدان على ضرورة دعم الجهود الدولية لمنع إيران من امتلاك سلاح نووي، وضمان سلمية برنامج إيران النووي، وتعزيز دور الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والحفاظ على منظومة عدم الانتشار، وأهمية دعم الجهود الرامية لإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل الأخرى في الشرق الأوسط بما يسهم في تحقيق السلم والاستقرار الإقليمي والدولي ودعم الجهود العربية لحث إيران على الالتزام بالمبادئ الدولية بعدم التدخل في شؤون الدول العربية، والمحافظة على مبادئ حسن الجوار، وتجنيب المنطقة جميع الأنشطة المزعزعة للاستقرار، بما فيها دعم المليشيات المسلحة، وتهديد الملاحة البحرية وخطوط التجارة الدولية.
من جهته بدأ أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثان، زيارة رسمية لمصر، تستغرق يومين بدعوة كريمة من الرئيس السيسي.
ووصل الشيخ تميم بن حمد إلى القاهرة مساء اليوم الجمعة قادمًا من العاصمة الرواندية كيجالي، حيث شارك أمير دولة قطر في اجتماع رؤساء حكومات “الكومنولث” الـ26، الذي عقد بجمهورية رواندا.
وتأتي زيارة أمير قطر للقاهرة تلبية لدعوة الرئيس السيسي، حيث يرافقه وفد رسمي خلال زيارته، التي تعتبر الأولى إلى مصر منذ العام 2015، حين حضر القمة العربية في شرم الشيخ.
كما التقى أمير قطر بشقيقه الرئيس السيسي في بغداد في أغسطس من العام 2021، كما التقيا لاحقا في فبراير 2022 على مأدبة عشاء في الصين.
من جانبه كشف أستاذ العلوم السياسة، الدكتور عبدالمنعم سعيد، أهمية زيارة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثان إلى مصر بدعوة كريمة من الرئيس السيسي.
وقال سعيد،إن أهم الملفات التي سيتم مناقشتها بين الزعيمين ملف إيران، مؤكدا: “لهذه الزيارة أهمية كبيرة في ظل الظروف الحالية، وهي الزيارة الأولى من منذ سنوات كثيرة”.
وأكد: أن هذه الزيارة تعني الكثير وكم الممكن أن نجد زيارة مماثلة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، مستدركا أن “الأوضاع في تركيا أمن قومي مصري وهناك جماعات إسلامية ضد مصر”.
وأكمل عضو مجلس الشيوخ، أن العلاقات المصرية التركية قد تشهد تطور خلال الفترة المقبلة، مشيرا إلى أن زيارة الأمير القطري لمصر ستشهد “عقد اتفاقيات ثنائية بين الطرفين”.