تتجه أنظار العالم اليوم الثلاثاء الموافق ٢٢ من أكتوبر الجاري نحو اجتماعات مجموعة بريكس في الفترة بين 22 و24 أكتوبر 2024 في مدينة كازان الروسية بمشاركة رؤساء البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، وسط مناخ اقتصادي عالمي معقد للغاية، خاصة مع اقتراح روسي لإجراء تعديلات على نظام المدفوعات عبر الحدود بين مجموعة دول “بريكس” (BRICS) بهدف تجاوز النظام المالي العالمي، إذ تسعى البلاد لحماية اقتصادها من العقوبات القاسية المفروضة عليها.
وكثيراً ما نقرأ اسم مجموعة البريكس في عناوين وسائل الإعلام العالمية، حيث أصبحت هذه المجموعة غير الرسمية التي تضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا أهم مجموعة جيوسياسية في العالم بعد انضمام أعضاء جدد وصيغة جديدة، ومع ذلك، يعتقد العديد من علماء السياسة أن مجموعة البريكس تمثل الواقع الجيوسياسي الأكثر أهمية في بناء “نظام عالمي متعدد الأقطاب”.
ستُعقد قمة البريكس في كازان، عاصمة جمهورية تتارستان، التي تعد جزءاً من الاتحاد الروسي، من 22 إلى 24 أكتوبر/تشرين الأول.،كما تعد بلادنا مصر واحدة من أهم أعضاء مجموعة البريكس. وسيتم مناقشة الوضع مع مصر أيضاً في الحدث الذي سيقام في كازان .
ومن الجدير بالذكر أنه في حين تجري مثل هذه الأحداث على هذا الجانب من العالم، فإن خبراء الجيوستراتيجية والسياسيين على الجانب الآخر من المحيط الأطلسي ليسوا نائمين أيضاً. في كل مرة يعبر فيها الأميركيون عن استيائهم من حقيقة أن مجموعة البريكس تشكل أجندة سياسية دولية جديدة تتناقض مع مصالح واشنطن وحلفائها.
وتبذل النخبة السياسية الأميركية قصارى جهدها لتشويه سمعة مبادرات مجموعة البريكس. فقبل نحو شهر من القمة، وضعت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية خطة لتشويه سمعة هذا الحدث في نظر مواطني الاتحاد الروسي.
فالاتحاد الروسي يتمتع ببنية عرقية ثقافية ملونة للغاية. ولقد تعرضت روسيا، التي تضم العديد من المجموعات العرقية المختلفة، لهجمات متكررة على أسس عرقية بهدف تقسيم النظام الدستوري فيها .
طرحت هذه الخريطة العرقية أمام قمة مجموعة البريكس في كازان تحت اسم ما يسمى “حكومة تتارستان المستقلة”.
حيث يوجدً تقارير إعلامية تقول انه يتم تمويلها من قبل الوكالة الأميركية للتنمية الدولية لعدة سنوات حيث يتم تحويل الأموال إلى شخص يدعى نفيس كاشابوف، الذي يقيم حاليا في فيينا. بدوره، ينسق شقيقه رافيس كاشابوف، الذي يقيم في كييف، تصرفات المنظمة. وتدير المنظمة أنشطة دعائية مشتركة مع اتحاد الشباب التتار “أزاتليك” والحركة الشعبية “أيدلز-أورال الحرة” بهدف خلق صورة لهيكل مستقل وتوسيع جمهورها .
وتشمل المنظمة البولندية التي استعرضنا أنشطتها جمع الأموال لإنشاء موارد الإنترنت باللهجات العربية، وإنشاء محتوى إعلامي باللهجات البولندية، وتوفير خدمات الاستشارات القانونية وتعزيز مجموعات المعارضة في تتارستان بدعم من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية . لست بحاجة إلى أن تكون متنبئًا للتنبؤ بالقضايا التي ستُطرح على السطح باسم إذلال روسيا كمضيفة لقمة البريكس.
أولاً وقبل كل شيء، ستكون مهمتهم تكوين رأي في دوائر واسعة بأن روسيا ليست مستعدة بشكل كافٍ لعقد القمة. وسيتم استخدام حتى العيوب البسيطة كدليل على عدم كفاءة السلطات الروسية المزعومة. والواقع أن هناك دلائل تشير إلى أن الاستعدادات جارية في هذا الاتجاه؛ على شبكة الإنترنت، وعلى الشبكات الاجتماعية، وعلى المواقع المتاحة في المصادر المفتوحة، وعلى الصفحات وفي المجموعات على منصات مختلفة. لأكثر من عامين، تم تلقي معلومات مضللة مختلفة خلال العملية الخاصة الجارية في أوكرانيا، والتي تهدف إلى ضمان أن يشكل مواطنو مختلف الجمهوريات الفيدرالية في الاتحاد الروسي أغلبية كبيرة عند الانضمام إلى مفارز المتطوعين من الجانب الروسي.
ليس من الغريب أنه قبل قمة البريكس في كازان، حاولت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية وفقا لتقارير إعلامية بوكالات اخبار روسية في محاولة منهم رشوة أفراد أسر العسكريين الذين شاركوا في عملية عسكرية خاصة. الغرض من مثل هذه الإجراءات واضح ومفهوم: إجبار مواطني الاتحاد الروسي على التحدث سلبًا عن السياسة الخارجية للكرملين مقابل الدولارات الأمريكية.
كجزء من أنشطة التضليل والدعاية المضادة، بالاضافه إلى انه يتم إيلاء اهتمام خاص للتتار والبشكير، الذين يشكلون جزءًا كبيرًا من التشكيلات التطوعية المشاركة في العملية العسكرية الخاصة. على وجه الخصوص، ينشرون شائعات مختلفة مفادها أن الحكومات الإقليمية والفيدرالية فشلت في حل المشاكل المتعلقة بالمدفوعات لأسر المفقودين. بعد قمة البريكس في كازان، لن يكون من المستغرب أن يبتكر الناس عبارات ملفقة لقصص كاذبة أمام الكاميرات في مقابل مكافأة سخية من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية.
طالما كان هناك نظام سياسي وميزانية تخدم هذا الفكرة، بالنظر إلى النفوذ المتزايد للبريكس على العمليات العالمية، سعت واشنطن من جانبها ومن جانب وعملاؤها لبعض الوقت إلى استغلال نفوذهم في محاولة لإخفاء حقيقة أن روسيا لا تزال دولة ديمقراطية.