محاولات لا طائل منها

امنة علاء7 يوليو 2025
محاولات لا طائل منها
محاولات لا طائل منها

بقلم: داليا مجدى عبد الغنى

تظل الطبيعة الإنسانية هي الغالبة على صاحبها، وصدق مَنْ قال: “الطبع يغلب التطبع”، ورغم ذلك يستطيع الإنسان صاحب الإرادة القوية أن يُغير ما يرتأيه من نقص أو أمور سلبية في شخصيته، فيسعى إلى العمل على تعديها وإصلاحها، ولكن ليس بمقدور كل إنسان أن يفعل ذلك، لأن هذا الأمر يحتاج إلى عُنصرين أساسيين هما الرغبة والإرادة، وبدون أيًا منهما لن تفلح المحاولة.

والحقيقة أن هناك أشخاص ليس لديهم القدرة على الوقوف على مثالبهم، بل ويرفضون أن يُسلط غيرهم الضوء عليها، فهم يضعون أنفسهم في مكانة معينة، ويتوقف نظرهم عند هذا، ولا يرتضون فكرة مراجعة ضمائرهم وسلوكياتهم، فهم يكتفون بنظرتهم إلى أنفسهم وارتضائهم بتكوينهم وتصرفاتهم، والواقع أن المشكلة ليست فيهم، بل فيمَنْ حولهم، ممَّنْ يتضررون من تصرفاتهم، بل ويتساءلون بدهشة، لماذا يأتي هؤلاء بهذه السلوكيات الشاذة وغير المنطقية؟! وللأسف هذه التساؤلات تُسبب لهم العديد من الآلام النفسية، لأن المنطق من وجهة نظرهم أنه لابد من مقابلة الحُب بالحُب، والإخلاص بالإخلاص، والاهتمام بالاهتمام، طبقًا لقول المولى عز وجل في كتابه العزيز: (هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ)

ولكن يظل السؤال بلا جواب، ثم جاءت الإجابة على لسان الشاعر والكاتب العالمي “شكسبير”، عندما قال: “لا يُمكن إقناع الذباب أن الزهور أجمل من القمامة”، لأن هذه طبيعة تكوينها، ولا يمكن إقناع الثعبان بأن اللدغ إيذاء، فهناك طبائع يصعب تغييرها، لأن صلتها لصيقة بتركيبتها، لذا نجد زوجًا لامرأة جميلة ومُخلصة يخونها مع مَنْ هي أقل منها في كل شيء، ونجد موظفًا لديه كافة الامتيازات المالية والأدبية ورغم ذلك يلهث خلف الفساد، وغيرهم كثيرًا من الحالات التي ترفض الجمال وتسعى وراء القبح والانحراف، فهذا في حد ذاته يُشكل لهم حالة من السعادة والرضاء لأنه متوافق جدًا مع سلوكياتهم وتركيباتهم الإنسانية، وهؤلاء لا طائل من وراء مُحاولات إقناعهم بتصويب الرؤية حتى يروا الحق حقًا والضلال ضلالاً، والأحرى بمَنْ حولهم ألا يُضيعوا وقتهم، ويستهلكوا جهدهم في محاولات لا طائل أو جدوى منها، بل عليهم أن يسيروا على مقولة شكسبير السابقة، وذلك باقتناعهم بأن هناك تركيبات وطبائع من المستحيل إقناعها بغير ما هي مُؤمنة به، لأن ذلك يُخالف ما جُبِلْه عليه، وما يسيروا عليه من نهج فكري ومسلكي.