آخر ما تم رصده في تسجيلات الصندوق الأسود لعبارة السلام 98، قبل أن تغرق
«المركب بتغرق يا قبطان»، «أي لايف جاكت -سترة ناجة-»
غرقت ليل 3 فبراير 2006 عندما كانت في طريقها من ضبا بالسعودية إلى سفاجا،
على بعد 57 ميلًا من مدينة الغردقة وكانت تحمل 1312 مسافرا و28 من طاقم السفينة،
لكن العبارة فقدت توازنها نتيجة حريق داخل غرفة محرك السفينة،
استمر أربع ساعات وانتشرت النيران بسرعة فائقة،
الامر الذي قاد لغرق السفينة ومعه 1033 راكب غريقاً فيما أصيب 377 آخرون.
إن طاقم السفينة حال بين الركاب وبين سترات النجاة، وطمأنوهم أن الأمر لا يستدعي القلق،
وقال شهود العيان أن قبطان العبارة فر من سفينة المحترقة في قارب إنقاذ وترك الركاب يواجهون مصيرهم،
لكن قبطان السفينة «صلاح عمر» يعد في عداد الموتى رسمياً.
وأظهر الصندوق الأسود لقطات من اللحظات الأخيرة قبل غرق السفينة،
صوت القبطان وهو يحاول إرسال رسائل الاستغاثة، وطالب القبطان أحد مساعديه بطمأنة الركاب،
فيما سُمع صوت مساعده، وهو يؤكد أن العبارة ستغرق لا محالة،
وهو يهرع قائلاً: «المركب بتغرق يا قبطان»
وبعد تواتر الأنباء عن غرق السفينة، اقتحم مئات من أهالي ركاب العبارة
صباح السبت مبنى ميناء سفاجا بعدما اخترقوا الطوق الأمني المفروض حوله
للاحتجاج على عدم حصولهم على معلومات حول مصير ذويهم.
لجنة تقصي الحقائق
وكشفت لجنة تقصي الحقائق التي شكلها مجلس الشعب المصري، آنذاك،
أن هناك قدر كبير من التهاون والإهمال الذي يقترب من حد العمد- لا سيما إهمال هيئة السلامة البحرية
في تطبيق القواعد المنصوص عليها في القوانين والمعاهدات والأعراف الدولية لضمان سلامة الركاب،
بما في ذلك ما يتعلق بتحديد عدد الركاب المسموح للسفينة
بنقلهم أو معدات الإنقاذ من فلايك ورماثات يقتضي مداومة فحصها والتأكد من صلاحيتها
لإنقاذ الركاب عند تعرض السفينة لحادث غرقها.
اتضح للجنة عدم التزام شركة السلام للنقل البحري التي تتبعها العبارة الغارقة بأساليب الإدارة الآمن،
الأمر الذي كان يوجب على تلك الشركة متابعة الاتصال بالسفن التي تقوم بتشغيلها
لكي يقف أولاً بأول على حالة تلك السفن أثناء الرحلات والمبادرة إلى مد يد المعونة إليها
إذا ما تعرضت لأية أزمة حتى يمكن تدارك الأمر والحيلولة دون تفاقم هذه الحوادث.
كما كشفت لجنة تقصي الحقائق عن سوء الإدارة السياسية للحكومة للأزمة،
العبارة غرقت في تمام الساعة الواحدة وثلاث وثلاثين دقيقة صباح الجمعة 3 فبراير،
ورغم ذلك لم تصل طائرات الإغاثة التابعة لجهاز الشركة الوطنية للملاحة،
التابع لوزارة الطيران، إلا بعد 7 ساعات و38 دقيقة من وصول أول استغاثة،
واكتفت بإلقاء معدات الإنقاذ التي تتسع لعدد 161 فرداً فقط،
كما لم يتم انتشال الضحايا إلا في الساعة السادسة من عصر اليوم.
أي بعد أكثر من 12 ساعة من الغرق مما فاقم الوضع.
رجل الأعمال المصري ممدوح إسماعيل، رئيس مجلس إدارة الشركة المالكة للعبارة.
اتهمي من قبل ذوي الضحايا والناجين بإنه السبب في غرق السفينة ،
هو و 9 أشخاص آخرين ، ورفعت دعوة قضائية أمام محكمة جنح سفاجا ضدهم من قبل اثر الضحايا
وهنا كانت المفاجئة لاهالي الضحايا في صباح يوم 27 يونيو 2008،
حكمت محكمة جنح سفاجا، ببراءة جميع المتهمين في قضية العبارة السلام 98،
باستثناء «صلاح جمعة» قبطان العبارة سانت كاترين، حيث قضت بحبسه ستة أشهر وكفالة 10 آلاف جنيه.
يذكر أن قبطان العبارة سانت كاترين أول من اكتشفت كارثة غرق «السلام»،
وأبلغ الشركة المالكة والسلطات الملاحية رسالة الاستغاثة الأولى التي تلقاها، وأفادت بغرق العبارة بالكامل.
لكن أسر الضحايا استأنفوا على الحكم، لتقضي محكمة جنح سفاجا مستأنف بحبس ممدوح إسماعيل، رئيس مجلس إدارة الشركة المالكة للعبارة الغارقة «السلام»،
7 سنوات مع الشغل والنفاذ، وكل من ممدوح العرابى ونبيل سيد شلبى مدير الأسطول 3 سنوات مع الشغل والنفاذ.
كما قضت برد استئناف صلاح جمعة ومحمد عماد الدين أبوطالب وعمرو ممدوح إسماعيل، وتم الحكم غيابيا على المتهمين الثلاثة
ماعدا صلاح جمعة الذي قبل استئنافه شكلا ورفض موضوعا، وتقدر العقوبة السابقة في حكم أول درجة بالحبس 6 شهور.
عقدت الجلسة للنطق بالحكم في القضية المتهم فيها 10 أشخاص وانقضت الدعوى الجنائية لـ4 منهم بالوفاة، وأشهرهم سيد عمر قبطان العبارة.
لكن حادثة العبارة ترك جرح لم ينتهي بعد، وبعد 14 عام من الحادث أطلق عدد من العاملين في قطاع الغوص والأنشطة البحرية بالبحر الأحمر حملة للعثور على حطام السفينة الغارقة.
بالتأكيد لا يمكن نسيان ذلك الحادث الأليم فمازال الناجون من الحادث يتذكرون ذلك الحادث المفجع، خاصة أن الكثير منهم فقد ذويهم وأقاربهم في الحادث.