
ما كنت أفضل أن تخرج الفنانة أنغام على جمهورها شاكية باكية، وهي النجمة الكبيرة الراقية شديدة الذكاء، ما كنت أحب أن تُستدرج لمثل هذه الصغائر حتى وإن صحت، فالمكانة الكبيرة التي استطاعت أن تحتلها خاصة في السنوات الأخيرة كان يجب أن تجعلها تفكر جيدا قبل أن تُقدم على ما أقدمت عليه من اللجوء إلى أحد البرامج لترد عن أشياء، ربما لم يسمع عنها سوى من روجوها، وحتى وإن كانت انتشرت – وهذا لم يحدث – فما كان لفنانة في حجم أنغام الفني وعلى قدر ذكائها أن تكون طرفا في هذه القصة، حتى وإن كانت قد تألمت بسببها.
فلم تكن هذه محنة أنغام الأولى، بل منذ صباها ومنذ بداية نجاحها وهي لم تسلم من الانتقادات والتدخل في حياتها العائلية والعاطفية، وهي لا تلتفت وتكمل طريقها بكل جدية حتى استطاعت أن تحتل مكانة رفيعة بين أبناء جيلها، وعلى مستوى العالم العربي كله
في المقابل كانت الفنانة شيرين هي الأخرى تحقق نجاحا كبيراً دون أن يتشاباها أو يتعارض طريقهما، والكل يعلم المحنة التي مرت بها شيرين ، ومن قبل المحنة كان اندفاعها ولسانها الذي يوقعها في سقطات كبيرة داخل مصر وخارجها، أساءت فيها لنفسها قل أنّ تسيء لبلدها أو لآخرين، وكانت محبة الجمهور لها تجعله يتغاضى ويتجاوز في كل مرة، حتى سقطت السقطة الكبرى والتي أثرت على مسيرتها وتواجدها وأدائها، وغابت كثيرا والجمهور في انتظار عودتها، حتى أنها عندما قدمت منذ عدة أشهر عدداً من الأغاني على منصات تواصل اجتماعي في صدام مع شركة الإنتاج المتعاقدة معها، احتفى بها الجمهور واستقبلها استقبالا كبيرا ، كان من المفترض أن يقويها ويمنحها الثقة، ولكنها غابت ثانية لتظهر في المغرب كما ظهرت في الكويت وهي لا تزال مكبلة بالهموم والمشاكل، أعانها الله عليها
الكثيرون ممن أحبوا شيرين حزنوا من أجلها وبرروا ما وصلت إليه، لكن الكثيرين أيضا أهالوا عليها التراب لاستسلامها وضعفها، وأن النجاح له شروط قاسية، منها القوة وتجاوز المحن بقوة، والتمسك بالموهبة وإرضاء الجمهور، وهذا ما جعل فنانين عاشوا وخلدت أسماؤهم، بينما آخرون سقطوا وطواهم النسيان، والطرفان محقان والفنان وحده هو من يستطيع أن يرجح إحدى الكفتين.
من هنا حتى وإن كان البعض انتهز فرصة ما حدث في المغرب ليطعن شيرين وأنغام في نفس الوقت، فما كنت أتمنى أن تظهر أنغام في هذا الوقت تحديداً لتزيد من مأساة شيرين، وما كنت أتمنى أن يظهر هذا الخلاف على الملأ خصوصا وقد اعتادت أنغام على الصمت، وحتى وإن تكلمت فإن كلماتها محسوبة، ببساطة لأنها تتمتع برجاحة عقل وضبط نفس كبيرين، فما كان هذا وقته أبدا ليس فقط لأن شيرين في أزمة حقيقية، ولكن لأن هذه ليست المرة الأولى التي توجه فيها انتقادات حادة لفنانة مصرية في المغرب، ففي العام الماضي تعرضت أنغام نفسها في المغرب وفي نفس المهرجان لنفس الهجوم وانتشرت ڤيديوهات أن حفلها كان خاليا تضامنا مع أهل غزة
أنغام وشيرين جزء كبير من ثروة مصر ومن قوتها الناعمة، وهذا الذي يجري بينهما مؤسف بكل المعايير، وإن كان هناك من يستفيد من إشعال النيران بينهما، لكني أعتقد أن الكرة في ملعب أنغام وهي الآن في كامل نجوميتها وبريقها أن تظل على ترفّعها وذكائها، فهذا أفضل لكل الأطراف.